المرجعية السياسية

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتزايدة التي تواجه المجتمعات المحلية والإقليمية، يؤمن مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة بأهمية العمل التنموي المتكامل القائم على رؤية شمولية تستند إلى مبادئ العدالة الاجتماعية، والحوكمة الرشيدة، والاستدامة البيئية. وانطلاقًا من رسالته في تعزيز التنمية المستدامة وتوسيع دائرة المشاركة المجتمعية، يعتمد المركز في برامجه ومبادراته على مرجعيات سياسية واضحة تنسجم مع الأولويات الوطنية والإقليمية وأهداف التنمية المستدامة 2030.

وقد قام المركز بتحديد ستة محاور استراتيجية تُشكّل الإطار العام لعمله، بما يُسهم في إحداث أثر ملموس في حياة الأفراد والمجتمعات المحلية. يشمل هذا الإطار التنمية الاقتصادية والتوظيف، من خلال توفير فرص عمل وتعزيز المبادرات الاقتصادية المحلية؛ والتعليم العالي والبحث، بصفته ركيزة للابتكار وبناء المعرفة؛ إلى جانب الشؤون الاجتماعية والمدنية، عبر تعزيز العدالة الاجتماعية وتمكين الفئات المهمشة.

كما يولي المركز أهمية خاصة لمحاور المياه والبيئة والاقتصاد الأزرق، إدراكًا لدورها المحوري في الأمن البيئي والمائي، والنقل والتنمية الحضرية، لضمان مدن ومجتمعات أكثر استدامة ومرونة، وأخيرًا الطاقة والمناخ، ضمن مساعيه لتعزيز الاعتماد على الطاقة النظيفة ومواجهة آثار التغير المناخي.

من خلال هذا النهج المتكامل، يسعى المركز إلى بناء شراكات فعّالة مع مؤسسات الدولة، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والجهات الدولية، بهدف تقديم حلول تنموية شاملة تُحاكي الاحتياجات الحقيقية للمجتمع، وتُعزز من قدرة المجتمعات المحلية على المشاركة في صنع مستقبلها.

يُعد تعزيز التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل من الركائز الأساسية التي يقوم عليها عمل مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة، حيث يُؤمن المركز أن النمو الاقتصادي العادل والشامل هو حجر الزاوية في بناء مجتمعات مستقرة ومتوازنة. وفي هذا الإطار، يسعى المركز إلى دعم السياسات والمبادرات التي تخلق بيئات اقتصادية محلية محفزة للاستثمار، وتعمل على تحسين بيئة الأعمال، خاصة في المناطق الريفية والمجتمعات الهشة.

يعتمد المركز في مقاربته على تعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير برامج التدريب المهني والتقني للفئات الشابة والنساء، بهدف الحد من نسب البطالة وتحقيق العدالة الاقتصادية. كما يعمل المركز بشكل تكاملي مع الشركاء من القطاعين العام والخاص، ومنظمات المجتمع المدني، لضمان تصميم وتنفيذ برامج مستدامة قادرة على الاستجابة لاحتياجات سوق العمل المحلي.

ويركز المركز على توفير مسارات للتشغيل اللائق وتحفيز المبادرات الريادية، وتشجيع الشراكات التنموية متعددة الأطراف لخلق فرص اقتصادية عادلة، تراعي النوع الاجتماعي والفئات الأكثر تهميشًا. كما يدعم المركز إدماج المجتمعات المحلية في عمليات التخطيط الاقتصادي، انطلاقًا من إيمان عميق بأن تحقيق التنمية يبدأ من القاعدة المجتمعية، وأن المشاركة المجتمعية في تحديد الأولويات الاقتصادية هي ضمانة أساسية لتحقيق استدامة المشاريع وتحقيق الأثر المطلوب.

يولي مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة أهمية قصوى للتعليم العالي والبحث العلمي باعتبارهما أدوات محورية في تحقيق التنمية المستدامة والتقدم المجتمعي. فمن خلال الاستثمار في التعليم النوعي وإنتاج المعرفة، يمكن بناء أجيال قادرة على مواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وقيادة مبادرات تنموية مبتكرة تلبي احتياجات المجتمعات المحلية.

يركز المركز على تعزيز التكامل بين مؤسسات التعليم العالي والقطاعات التنموية المختلفة، من خلال دعم مشاريع بحثية تطبيقية تستجيب لأولويات التنمية الوطنية والقطاعية. كما يسعى إلى تطوير شراكات استراتيجية مع الجامعات ومراكز الأبحاث لتقديم دراسات ميدانية وحلول عملية للتحديات التنموية في المجتمعات الريفية والمناطق الأقل حظًا.

ويعمل المركز على دعم مبادرات الابتكار الاجتماعي وريادة الأعمال بين طلبة الجامعات والشباب الباحثين، من خلال برامج تدريبية وحاضنات أعمال تدفعهم نحو تطوير أفكار مشاريع مبتكرة ذات بُعد اجتماعي واقتصادي. ويولي اهتمامًا خاصًا لإدماج الشباب في الحوار حول السياسات العامة، وتشجيعهم على المشاركة في الأبحاث المجتمعية المرتبطة بقضايا البيئة، والمياه، والطاقة، والتمكين الاقتصادي.

من خلال هذه الجهود، يسعى المركز إلى بناء منظومة تعليم وبحث علمي تُسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزز من دور الشباب والمجتمع الأكاديمي كفاعلين أساسيين في عملية صنع القرار ورسم السياسات التنموية.

يعتبر مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة أن التنمية الاجتماعية وبناء مجتمع مدني فاعل هما حجر الأساس لأي تنمية شاملة ومستدامة. ومن هذا المنطلق، يعمل المركز على تطوير برامج ومبادرات تستهدف تمكين الفئات المهمشة والضعيفة، وتعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية، وضمان الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، بما في ذلك النساء، الشباب، وذوي الإعاقة.

يؤمن المركز بأن الشؤون الاجتماعية والمدنية ليست مجرد خدمات اجتماعية، بل هي عملية تشاركية تهدف إلى تحقيق الانسجام المجتمعي، ورفع مستوى الوعي بحقوق الإنسان، وتعزيز الحوكمة المحلية والمشاركة المجتمعية في اتخاذ القرار. لذا يعمل المركز على إطلاق حملات توعوية ومشاريع ميدانية تسهم في الحد من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتعزيز ثقافة الحوار، وبناء قدرات مؤسسات المجتمع المدني المحلي، لتكون شريكًا فاعلًا في خدمة مجتمعاتها.

ويركز المركز بشكل خاص على المجتمعات الريفية والمناطق الأقل حظًا، حيث يقدم برامج متكاملة للحماية الاجتماعية والتمكين المجتمعي، تستند إلى احتياجات الناس الحقيقية وأولوياتهم. كما يسعى إلى تعزيز الاندماج الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين جميع أفراد المجتمع، وتشجيع المبادرات الشبابية والثقافية التي تدعم المشاركة المدنية الفاعلة، وتسهم في بناء مجتمع متماسك يعزز التنمية الشاملة.

تحتل قضايا المياه والبيئة والاقتصاد الأزرق مكانة مركزية في عمل مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة، إدراكًا منه للأهمية البالغة لهذه القطاعات في ضمان الأمن البيئي والمائي، وتحقيق تنمية مستدامة توازن بين متطلبات الإنسان والموارد الطبيعية. يعمل المركز على دعم مبادرات المحافظة على الموارد المائية وإدارتها بشكل مستدام، من خلال برامج توعوية، ومشاريع ميدانية لتحسين كفاءة استهلاك المياه، وتقنيات الحصاد المائي، خاصة في المجتمعات الريفية.

وفي الجانب البيئي، يطلق المركز حملات توعية تهدف إلى نشر ثقافة حماية البيئة، وتقليل الانبعاثات، والتكيف مع التغير المناخي، إلى جانب مشاريع تدوير النفايات والطاقة المتجددة، بما يعزز من مفهوم الاقتصاد الأخضر والمجتمعات المستدامة.

أما في محور الاقتصاد الأزرق، فيسعى المركز إلى دعم الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالموارد المائية مثل صيد الأسماك المستدام، السياحة البيئية، وتطوير الصناعات ذات العلاقة بالمياه. ويولي أهمية خاصة لحماية النظم البيئية البحرية والنهرية، من خلال مبادرات مجتمعية تعزز من مشاركة السكان المحليين في الحفاظ على الموارد الطبيعية، وضمان استدامتها للأجيال القادمة.

يضع مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة ملف النقل والتنمية الحضرية ضمن أولوياته الاستراتيجية، باعتباره قطاعًا حيويًا يؤثر بشكل مباشر على جودة حياة الأفراد، وتيسير الوصول إلى الخدمات والفرص الاقتصادية. في هذا السياق، يعمل المركز على دعم تطوير سياسات نقل مستدامة، تراعي البعد البيئي والاجتماعي، وتحد من الازدحامات والانبعاثات الملوثة، وتوفر بدائل نقل عامة وآمنة وموثوقة، خاصة في المجتمعات الريفية.

كما يركز المركز على دعم مشاريع تنموية حضرية تضمن تحسين البنية التحتية، وتطوير الأماكن العامة والمساحات الخضراء، وتعزيز التخطيط الحضري الشامل القائم على احتياجات المجتمعات. ويدفع باتجاه إشراك السكان المحليين في عمليات تخطيط المدن، لضمان أن تكون أكثر ملاءمة لمتطلبات الناس، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية.

وتتضمن أنشطة المركز أيضًا برامج لزيادة وعي المجتمعات حول أهمية النقل المستدام، والحد من التوسع العمراني غير المنظم، والعمل على إدماج مفاهيم المدن الذكية في الخطط التنموية، بما يحقق بيئة حضرية مرنة، مستدامة، وشاملة لجميع فئات المجتمع.

يشكّل ملف الطاقة والمناخ أحد أبرز التحديات التنموية التي يوليها مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة اهتمامًا استراتيجيًا خاصًا، انطلاقًا من إدراكه لتأثير التغير المناخي وأزمة الطاقة على مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأردن والمنطقة. ويعمل المركز على تعزيز ثقافة الاستدامة البيئية والطاقة النظيفة، عبر مشاريع ومبادرات تهدف إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتحفيز المجتمعات المحلية والبلديات على تبني حلول بيئية مبتكرة.

يرتكز عمل المركز في هذا المحور على دعم المجتمعات الريفية والمناطق النائية للحد من تبعات التغير المناخي، من خلال التوعية البيئية، وإطلاق مشاريع للطاقة الشمسية المنزلية والمجتمعية، وتقديم ورش تدريبية حول أساليب التكيف مع الظواهر المناخية المتطرفة مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة. كما يدعم المركز المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني في تطوير سياسات مناخية محلية تتوافق مع التوجهات العالمية، وتساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة واتفاق باريس للمناخ.

ومن خلال شراكاته مع مؤسسات محلية ودولية، يسعى المركز إلى تعزيز مفهوم الاقتصاد الأخضر، وتشجيع الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، وتطوير أنظمة إدارة الطاقة في المنشآت العامة والخاصة. إضافة لذلك، يعمل المركز على نشر ثقافة المسؤولية البيئية والمناخية بين الشباب، وتشجيعهم على قيادة حملات ومبادرات مجتمعية تسهم في التخفيف من الانبعاثات الكربونية وتعزيز الوعي بالتغير المناخي.

بهذه الجهود المتكاملة، يهدف المركز إلى بناء بيئة مجتمعية أكثر وعيًا واستعدادًا لمواجهة التحديات المناخية، وتحقيق انتقال عادل نحو الطاقة المستدامة والتنمية منخفضة الكربون.