من صوت الفصل إلى نبض عجلون: التعليم كقوة دافعة للمستقبل
بقلم: ليان السيوف – عضو في مساحة ريف الشبابية السياسية الآمنة
في محافظةٍ تتنفس التاريخ وتنبض بالحياة، تولد من عجلون اليوم رسالة جديدة، تحملها أصوات الشباب وإرادتهم الصادقة نحو التغيير. هناك، بين الجبال التي تروي قصص الصمود، يتشكل وعي جديد يرى في التعليم ليس مجرد حقّ، بل قوة دافعة لبناء مستقبلٍ أفضل.
في هذا السياق، شكّلت مساحة ريف الشبابية السياسية” أكثر من مساحة للحوار؛ كانت تجربةً حيّة لإعادة تعريف دور الشباب في مجتمعاتهم، إذ تحوّل النقاش إلى صوتٍ فعّال ينقل نبض الشارع إلى طاولة صانعي القرار. ومن قلب هذه التجربة، انطلقت رسالة واضحة: أن الشباب ليسوا جمهورًا ينتظر الحلول، بل شركاء حقيقيون في صناعتها.
التعليم كمفتاح للتنمية والتحرر من التحديات
تواجه عجلون، كغيرها من المحافظات الأردنية، تحدّي البطالة الذي يثقل كاهل الشباب. جيلٌ مثقف ومتعلم يجد نفسه محاصراً بندرة الفرص، مما يفرض إعادة النظر في الطريقة التي نفكر بها بالتعليم ودوره. إن الحاجة اليوم ليست لمزيدٍ من الشهادات الورقية، بل لتعليمٍ نوعيٍ يحرّر الفكر، ويفتح الآفاق، ويخلق فرصًا حقيقية من رحم الصعوبات.
لم يعد التعليم التقليدي القائم على التلقين والحفظ كافيًا لمواكبة متطلبات القرن الحادي والعشرين. العالم يتغيّر بوتيرة متسارعة، وسوق العمل لا ينتظر. لذلك، تطوير التعليم لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية تتطلب خطة متكاملة تُعيد بناء منظومتنا التعليمية على أسس الجودة والابتكار والمهارة.
نحو مدرسة تعيد إحياء رسالتها
إن المدرسة اليوم مطالبة بأن تتجاوز دورها الأكاديمي الضيق، لتصبح فضاءً حيويًا يربط بين المعرفة والحياة. فهي ليست مكانًا لاجتياز الامتحانات، بل بيئة لتعلّم القيم، وبناء الشخصية، وتنمية الفكر النقدي.
من هنا، تبرز أهمية دمج المهارات الحياتية في المناهج الدراسية. فالتفكير الناقد، وحل المشكلات، والعمل الجماعي، والتواصل الفعّال ليست مهارات إضافية، بل ركائز أساسية لإعداد طالبٍ قادرٍ على التكيّف والمنافسة. إن الطالب الذي يتقن هذه المهارات، يصبح أكثر قدرة على تحويل المعرفة إلى فعل، والطموح إلى إنجاز.
من الرؤية إلى التطبيق
ولكي تتحول الرؤية إلى واقع ملموس، هناك حاجة إلى تحرك وطني متكامل يعيد صياغة مفهوم التعليم ضمن إطار عملي ومستدام. ويمكن تحقيق ذلك عبر:
1. إدخال أساليب التعلم النشط القائم على المشاريع والمناقشات بدلاً من التلقين.
2. تنظيم ورشات تدريبية داخل المدارس تركز على مهارات إدارة الوقت والتخطيط واتخاذ القرار.
3. توسيع الشراكات بين المدارس، والقطاع الخاص، والمجتمع المحلي لتوفير فرص تدريب وخبرة واقعية للطلبة.
4. تطوير نظام تقييم شامل يقيّم مهارات الطالب العملية إلى جانب تحصيله الأكاديمي.
ختامًا: نحو تعليم يواكب الحلم
إن بناء مستقبلٍ مزدهر لعجلون يبدأ من إعادة إحياء التعليم كرسالة تنموية لا كواجبٍ روتيني. فكل صفٍّ مدرسي هو بذرة أمل، وكل طالب هو مشروع نهضة، وكل معلّم هو ركيزة تغيير.
اليوم، يقف الجميع أمام مسؤولية مشتركة — الدولة، المجتمع المدني، والأسر، والشباب أنفسهم — لصياغة واقعٍ تعليميٍ يواكب التطلعات، ويربط المعرفة بالحياة.
فالسؤال الذي يظل مفتوحًا أمامنا جميعًا:
هل سنكتفي بمطالبة التعليم بأن يتغيّر، أم سنغيّر نحن من أجله؟
🗣️ إخلاء المسؤولية: "إن محتوى هذا المنشور هو ضمن مسؤولية كتاب المدونة او المقال ولا يعكس بالضرورة موقف مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة واذاعة صوت عجلون المجتمعية. جميع الحقوق محفوظة © يحظر استخدام أي جزء من محتوى هذا الموقع أو نسخه أو إعادة نشره أو نقله، كليًا أو جزئيًا، بأي وسيلة كانت، دون الحصول على إذن خطي مسبق من مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة و/أو إذاعة صوت عجلون المجتمعية، وتحت طائلة المساءلة القانونية. ويُستثنى من ذلك الاستخدام الذي يتضمن الإشارة الصريحة والواضحة إلى المصدر.
Comments are closed