نحو تعليم ريادي: رؤية شباب عجلون لإصلاح التعليم وتنمية الأردن
بقلم: عبد الرحمن الصمادي- عضو في مساحة ريف الشبابية السياسية الآمنة
إن التعليم هو حجر الزاوية لأي نهضة وطنية، وهو بالنسبة لمحافظة عجلون، التي أعُدّ أحد أبنائها، ليس مجرد عملية أكاديمية بل هو بوابة الخروج من دائرة الفقر والبطالة. في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الأردن، وفي ضوء ارتفاع نسب الفقر والبطالة في محافظات مثل عجلون— التي وصلت فيها نسبة البطالة إلى مستويات عالية تتراوح بين 17.2% و 19.4% في بعض الفترات، وتتجاوز فيها نسبة الفقر المعدل الوطني لتصل إلى حوالي 25.6%، فإن إصلاح التعليم يصبح أولوية وطنية قصوى تلامس حياة المواطنين ومستقبل الشباب بشكل مباشر.
الأولويات الوطنية لإصلاح التعليم: التمكين قبل التلقين
تنطلق رؤيتنا للإصلاح من ضرورة الانتقال من نظام تعليمي يركز على الحفظ والنجاح الأكاديمي إلى نظام يعزز المهارات والابتكار ويربط مخرجاته بمتطلبات سوق العمل المتغير. ومن هذا المنطلق، نرى أن الأولويات الوطنية لإصلاح التعليم في الأردن يجب أن ترتكز على محورين أساسيين:
- مواءمة السياسات التعليمية مع سوق العمل
إن الفجوة بين التخصصات التي يختارها الطلاب والمهارات التي يحتاجها سوق العمل هي من أبرز مسببات بطالة الخريجين، حيث أن نسبة كبيرة من المتعطلين هم من حملة الشهادات الجامعية. يجب أن تركز السياسات التعليمية على ما يلي:
تعزيز التعليم المهني والتقني: على الرغم من الزيادة في الالتحاق بالتعليم المهني مؤخرًا، إلا أن نسبته من إجمالي طلبة المرحلة الثانوية كانت لا تزال منخفضة تاريخياً. يجب العمل على تحسين النظرة المجتمعية للتعليم المهني وتطوير مدارسه ومناهجه لتتوافق مع التكنولوجيا الحديثة، خاصة في قطاعات السياحة والزراعة التي تتميز بها عجلون.
إدخال المهارات العابرة للمناهج: يجب تدريب الطلاب على التفكير النقدي، وحل المشكلات، وريادة الأعمال، والتكنولوجيا بدءاً من المراحل المبكرة، لضمان تخريج جيل قادر على المنافسة وخلق فرص العمل لا انتظارها. - ضمان العدالة التعليمية بين الريف والمدينة
بالنسبة لمحافظة ريفية مثل عجلون، فإن ضمان العدالة في توزيع الموارد التعليمية هو أولوية وطنية لا تقبل التأجيل. فالتعليم الجيد لا يجب أن يكون امتيازًا للمدن الكبرى.
التحديات الريفية: فجوة الموارد والبنية التحتية في عجلون
إن واقع التعليم في المناطق الريفية، وعلى رأسها عجلون، يواجه تحديات هيكلية تؤثر على جودة المخرجات، وتساهم في الهجرة الداخلية إلى المدن بحثاً عن فرص تعليمية أفضل. - نقص البنية التحتية والموارد:
على الرغم من جهود وزارة التربية والتعليم، إلا أن بعض المدارس في عجلون ما زالت بحاجة إلى تحديث. فواقع المدارس في عجلون يظهر الحاجة لاستمرار العمل على تحسين وتوفير المختبرات العلمية المجهزة، والمكتبات، والمرافق الرياضية التي تعتبر أساسية لبيئة تعليمية متكاملة. كما أن التوسع في تغطية المدارس بالإنترنت والتدفئة المركزية (التي كانت تقتصر على 50 مدرسة في إحصاء سابق) يجب أن يستمر ليشمل جميع المدارس الريفية. - غياب العدالة في توزيع المعلمين المؤهلين:
غالبًا ما تعاني المناطق الريفية من صعوبة في جذب الكفاءات التعليمية المتميزة والمحافظة عليها مقارنة بالمدن، مما يؤثر على مستوى التعليم المقدم للطلاب الذين هم بأمس الحاجة إلى أفضل المعلمين. يجب توفير حوافز خاصة للمعلمين العاملين في المناطق الأقل حظاً. - التركيز على التعليم الأكاديمي التقليدي:
ما زالت الثقافة المجتمعية في عجلون، وغيرها من المحافظات، تولي الأولوية للتعليم الأكاديمي، وهذا يساهم في زيادة عدد الخريجين في تخصصات مشبعة لا تتوافق مع قدرة المحافظة على توفير فرص عمل لهم، مما يزيد من نسبة البطالة، خاصة بين الشباب حاملي الشهادات الجامعية.
نماذج محلية وتوصيات القادة الشباب: دور الشباب في صياغة المستقبل
إننا كشباب في مساحة ريف الشبابية السياسية لا نكتفي برصد التحديات، بل نعمل على صياغة حلول وتوصيات عملية لضمان مستقبل تعليمي أكثر إشراقاً: - التوصيات المقدمة من الشباب:
لامركزية القرار التعليمي: تفعيل دور مجالس المحافظات والمديريات المحلية (مثل مديرية تربية عجلون) لإشراك المجتمعات المحلية في تحديد الاحتياجات التعليمية، وتخصيص الموازنات بشكل أكثر كفاءة، وتكييف المناهج مع الخصائص البيئية والزراعية والسياحية لعجلون.
إطلاق برامج للتعلم المدمج: يجب استثمار التكنولوجيا في التعليم لتعويض نقص الموارد في المدارس الريفية، من خلال تزويد المدارس بمصادر تعلم رقمية متقدمة وتدريب المعلمين على استخدامها بفعالية.
دعم المشاريع الريادية التعليمية: يجب أن تتبنى المدارس برامج تشجع الطلاب على الريادة المجتمعية المرتبطة بالتنمية المحلية، وتحويل التحديات في عجلون (مثل الفقر والبطالة) إلى مشاريع تشغيلية قابلة للتطبيق. - نماذج النجاح المحلية (الطموحة):
يمكن لمحافظة عجلون أن تتحول إلى نموذج وطني في التعليم المستدام من خلال الاستفادة من ميزتها النسبية. على سبيل المثال، يمكن تطوير مدارس مهنية متخصصة في مجالات السياحة البيئية والزراعة العضوية (التي تتوافق مع محمية عجلون الطبيعية) بالشراكة مع القطاع الخاص، لضمان أن يكون خريج عجلون مؤهلاً للعمل مباشرة في المشروعات التنموية للمحافظة.
إن صوت الشباب، ومنه صوتي أنا عبد الرحمن الصمادي من عجلون، هو صوت ينشد إصلاحاً جذرياً لا يكتفي بالترقيع. نحن نؤمن بأن استثمارنا في شباب عجلون وتعليمهم هو أفضل استثمار في رأس المال البشري الأردني، وهو الطريق الوحيد لبناء جسور الثقة بين المواطنين وصناع القرار، وبناء مستقبل أكثر عدالة وازدهاراً للأردن بأكمله.
🗣️ إخلاء المسؤولية: "إن محتوى هذا المنشور هو ضمن مسؤولية كتاب المدونة او المقال ولا يعكس بالضرورة موقف مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة واذاعة صوت عجلون المجتمعية. جميع الحقوق محفوظة © يحظر استخدام أي جزء من محتوى هذا الموقع أو نسخه أو إعادة نشره أو نقله، كليًا أو جزئيًا، بأي وسيلة كانت، دون الحصول على إذن خطي مسبق من مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة و/أو إذاعة صوت عجلون المجتمعية، وتحت طائلة المساءلة القانونية. ويُستثنى من ذلك الاستخدام الذي يتضمن الإشارة الصريحة والواضحة إلى المصدر.
Comments are closed