الريادة المجتمعية كأداة لتحسين فرص العمل والتعليم في المجتمعات الريفية
بقلم: صلاح الزغول- عضو في مساحة ريف الشبابية السياسية الآمنة
تواجه المجتمعات الريفية في الأردن، مثل محافظة عجلون تحديات حقيقية تتمثل في ارتفاع نسب البطالة وضعف الفرص التعليمية والتدريبية، ما ينعكس سلبًا على استقرارها الاقتصادي والاجتماعي. ومن هنا يبرز سؤال جوهري: كيف يمكن للأفكار الريادية والمبادرات المجتمعية أن تتحول من مجرد أنشطة محدودة إلى حلول عملية تسهم بفاعلية في تعزيز فرص التشغيل وتطوير التعليم؟
إن العديد من المبادرات الريفية تبدأ عادةً بحماس كبير، لكنها تتعثر في مراحل التنفيذ بسبب ضعف التمويل أو غياب قنوات التشبيك مع الأسواق والمؤسسات الداعمة. ولعل أحد المسارات الممكنة لمعالجة هذا الخلل يتمثل في إنشاء حاضنات أعمال محلية ومراكز تدريب مجتمعية تستجيب بواقعية لاحتياجات السكان وتعمل على تمكين الشباب والنساء من المهارات المطلوبة في سوق العمل.
فعلى سبيل المثال، في محافظة عجلون يمكن أن يشكل ربط المنتجات الزراعية بالتسويق الإلكتروني فرصة واعدة لتوفير مصادر دخل مستدامة، دون الحاجة إلى الهجرة نحو المدن الكبرى. كما أن تعزيز التعليم التطبيقي والتدريب العملي في مجالات مثل الطاقة الشمسية، الزراعة العضوية، والسياحة البيئية، من شأنه أن يفتح آفاقًا جديدة للتشغيل ويحول الإمكانات المحلية إلى موارد إنتاجية حقيقية.
الريادة المجتمعية في المناطق الريفية ليست مجرد نشاط محدود أو مبادرة آنية؛ بل هي فرصة استراتيجية لبناء اقتصاد محلي قائم على الموارد الذاتية وإبداع الشباب. تمتلك عجلون، مثل غيرها من المحافظات، ثروات طبيعية وسياحية وزراعية وتراثية، إلا أن التحدي الدائم يتمثل في ضعف استمرارية المبادرات نتيجة غياب التمويل المستدام وافتقار الأسواق القادرة على استيعاب منتجاتها.
ومن هنا يُطرح تساؤل محوري: كيف يمكن تحويل هذه المبادرات الصغيرة إلى مشاريع مستدامة تخلق فرص عمل حقيقية، خصوصًا للشباب والنساء؟ وكيف نضمن وجود شبكات دعم وتعاون مؤسسي تحافظ على أثر الريادة المجتمعية وتمنع ذوبانه مع مرور الوقت؟
إن الواقع في عجلون يبرز مفارقة واضحة؛ فبينما تعاني المحافظة من قلة الاستثمارات وضعف وجود مؤسسات كبرى، إلا أنها تزخر بطاقات شبابية كبيرة وأفكار ريادية واعدة. وهنا تبرز أهمية البرنامج الوطني للتشغيل كأداة وطنية يمكن أن تساهم في تعزيز فرص العمل في المحافظات الريفية، شريطة أن تترجم برامجه على أرض الواقع بما يلامس احتياجات الشباب.
وفي هذا السياق، يشير عدد من الشباب في عجلون إلى أن الوصول إلى المنصات الإلكترونية أو مديريات العمل ليس متاحًا للجميع، ما يفتح الباب أمام فكرة المكاتب المتنقلة أو الحملات التوعوية التي تصل مباشرة إلى القرى والبلدات، لضمان شمولية الوصول إلى الخدمات التشغيلية.
وفي ختام ، يمكن القول إن شباب لا يبحثون فقط عن وظائف مؤقتة، بل عن فرص حقيقية لبناء مشاريع مستدامة تثبت وجودهم في مجتمعهم وتسهم في تنمية محافظتهم. ولتحقيق ذلك، لا بد من تبني سياسات تشغيل لامركزية، وتشجيع الريادة المجتمعية كخيار استراتيجي يربط بين التنمية المحلية والاقتصاد الوطني.
🗣️ إخلاء المسؤولية: "إن محتوى هذا المنشور هو ضمن مسؤولية كتاب المدونة او المقال ولا يعكس بالضرورة موقف مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة واذاعة صوت عجلون المجتمعية. جميع الحقوق محفوظة © يحظر استخدام أي جزء من محتوى هذا الموقع أو نسخه أو إعادة نشره أو نقله، كليًا أو جزئيًا، بأي وسيلة كانت، دون الحصول على إذن خطي مسبق من مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة و/أو إذاعة صوت عجلون المجتمعية، وتحت طائلة المساءلة القانونية. ويُستثنى من ذلك الاستخدام الذي يتضمن الإشارة الصريحة والواضحة إلى المصدر.
Comments are closed