رهف أبو ميّالة: من الوعي الصحي إلى ريادة مجتمعية تفاعلية
في قلب شرق عمّان، حيث تتقاطع التحديات الاقتصادية مع غياب الوعي الصحي في أوساط الأطفال والأسر، برزت رهف أبو ميّالة كنموذج لامرأة شابة تمتلك رؤية تنموية واضحة: تعزيز الثقافة الصحية لدى الأطفال بطريقة مبتكرة وتفاعلية. لم تكن هذه الرؤية مجرد طموح شخصي، بل مشروع مجتمعي مبني على قناعة بأن التغيير يبدأ من الطفولة، وأن التعليم الصحي يمكن أن يكون أداة لبناء أجيال أكثر وعيًا وثقة.
الانطلاقة: فكرة تحاكي حاجة حقيقية
أطلقت رهف فكرتها من خلال مشروع “الصحة من أجل التعليم”، وهي منصة تعليمية تفاعلية تهدف إلى ترسيخ العادات الصحية لدى الأطفال باستخدام تقنيات مبسطة، وألعاب تعليمية، ومحتوى بصري يخاطب الطفل بلغته. سعت المنصة أيضًا إلى تمكين الأهل والمعلمين ليكونوا شركاء فاعلين في بناء هذا السلوك الصحي، في ظل فجوة كبيرة في الأدوات التعليمية التفاعلية الموجهة للفئات العمرية الصغيرة.
التحدي: فجوة الموارد والمعرفة المؤسسية
رغم وضوح الفكرة، واجهت رهف في البداية مجموعة من التحديات الهيكلية، أبرزها:
- قلة الموارد التقنية والمالية اللازمة لتطوير المنصة.
- ضعف الخبرة في إدارة المشاريع الناشئة.
- عدم وجود مرجعية تدريبية أو توجيهية تدعم الانتقال من الفكرة إلى التنفيذ الاحترافي.
كانت بحاجة إلى نموذج استرشادي، وتمويل موجه، وبناء قدرات إدارية وتقنية لتجاوز هذه المرحلة التأسيسية.
نقطة التحول: شراكة مع مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي
جاء التحول الاستراتيجي عندما التحقت رهف بمشروع “تعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء في الأردن”، الذي يشارك في تنفيذة مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة بالشراكة مع جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان والمبادرة النسوية الأورومتوسطية بدعم مباشر من الاتحاد الأوروبي
أتاح هذا المشروع لرھف فرصة فريدة للجمع بين الدعم العيني والتدريب المكثف وبناء العلاقات المهنية. وحصلت من خلاله على منحة تطويرية عينية لتطوير المنصة، إضافة إلى تدريبات نوعية شملت:
- بناء نموذج العمل التجاري.
- تحليل الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشروع.
- تطوير استراتيجية تسويق رقمي موجهة للفئات المستهدفة.
- تصميم الهوية البصرية والمحتوى التفاعلي.
- إدارة الوقت، الموارد، والمخاطر المؤسسية.
- مهارات التشبيك وبناء الشراكات المؤسسية.
التمكين المؤسسي: من فكرة ناشئة إلى منصة ذات أثر
بفضل هذا الدعم، تحولت “الصحة من أجل التعليم” إلى منصة مجتمعية فعالة، تم تبني محتواها في عدد من المدارس، وبدأ استخدامها في أنشطة تعليمية تكميلية داخل وخارج الصفوف. كما أسهم المشروع في بناء شبكة شراكات محلية مع مؤسسات تعليمية وصحية، مما عزز من استدامة المشروع وأثره على المدى الطويل.
الأثر المجتمعي والتحول الشخصي
نجحت رهف في تحويل منصتها من مبادرة فردية إلى نموذج قابل للتوسع في التوعية الصحية المدرسية، وأصبحت تجربتها مرجعًا لعدد من الشابات في محيطها اللواتي بدأن بالسعي لإطلاق مشاريع خاصة بهن، مستلهمات من نموذج رهف في المزج بين الرسالة الاجتماعية والريادة المؤسسية.
الرسالة الاستراتيجية
تجربة رهف أبو ميّالة تؤكد أن التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء لا يقتصر على التمويل فقط، بل يتطلب مسارًا متكاملًا يشمل التوجيه، بناء المهارات، والشراكات الذكية. وهي اليوم تواصل تطوير منصتها، مدفوعة بإيمانها العميق بأن التعليم الصحي لا يجب أن يكون تقليديًا، بل ممتعًا، مؤثرًا، وقادرًا على إعادة تشكيل وعي الأجيال القادمة.
🗣️جميع الحقوق محفوظة ©.
يحظر استخدام أي جزء من محتوى هذا الموقع أو نسخه أو إعادة نشره أو نقله، كليًا أو جزئيًا، بأي وسيلة كانت، دون الحصول على إذن خطي مسبق من مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة و/أو إذاعة صوت عجلون المجتمعية، وتحت طائلة المساءلة القانونية.
ويُستثنى من ذلك الاستخدام الذي يتضمن الإشارة الصريحة والواضحة إلى المصدر.
Comments are closed