فاطمة داوود – من ثمار الرمّان إلى ثمرة النجاح

في أحد أرياف محافظة إربد، حيث يتوشح الخريف بألوان الرمان، بدأت فاطمة داوود رحلتها مع ثمرةٍ لطالما اعتبرها الناس موسمية وعابرة. لكنها رأت في الرمّان شيئًا مختلفًا… فرصة للحياة، والتمكين، والاستدامة.

كانت البداية فكرة صغيرة وشغفًا بالتجريب، إلى أن جاءت اللحظة التي غيّرت مسار مشروعها بالكامل: التحاقها بمشروع “نحو تعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء في الأردن”، الذي يشارك في تنفيذة مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة ضمن “شراكة تنفيذية” مع جمعية تمكين للمساعدة القانونية والمبادرة النسوية الأورومتوسطية، وبدعم من الاتحاد الأوروبي.

من خلال هذا المشروع، خاضت فاطمة مجموعة من البرامج التدريبية المتخصصة التي أعادت تشكيل نظرتها لريادة الأعمال، ووفرت لها أدوات عملية نقلت مشروعها من فكرة مبتكرة إلى نموذج اقتصادي ناجح ومستدام:

🔸 إدارة المخاطر
تعلّمت فاطمة كيف تخطط لمشروعها بما يتجاوز الموسم، وتحولت من الاعتماد على الرمّان كمادة خام إلى تطوير منتجات متعددة مثل: الخل، ودبس الرمان، ومستحضرات تجميل طبيعية. بهذه الطريقة، صنعت استدامة إنتاجية ومصدر دخل على مدار العام.

🔸 التنظيم القانوني والتشريعي
قبل التدريب، كانت خطوات التسجيل الرسمي ضبابية؛ أما اليوم، فمشروع فاطمة مسجل ومرخص، يعمل ضمن إطار قانوني يعزز الثقة ويؤسس لنمو طويل الأمد.

🔸 بناء الهوية والعلامة التجارية
من خلال ورش التصميم والتسويق، فهمت فاطمة أهمية تقديم قصة المشروع كجزء من المنتج. فأصبح لمنتجاتها اسم وهوية وشعار يعكسون قيم الاستدامة والابتكار والمرأة الريفية المنتجة.

🔸 مهارات المتابعة والتقييم
اكتسبت أدوات قياس الأداء ومراقبة الجودة وتطوير الخطط بناءً على الأرقام، مما جعلها أكثر قدرة على تحقيق الأرباح وتحسين المنتج بشكل مستمر.

اليوم، لم يعد مشروع فاطمة مجرد تجربة فردية أو حِرفة تقليدية، بل هو رسالة اقتصادية بيئية وإنسانية. من خلاله، تُجسد فاطمة المعنى الحقيقي لريادة الأعمال النسوية في الريف، حيث تلتقي الاستدامة مع التمكين، والإبداع مع الدخل، والعمل مع الكرامة.

فاطمة داوود لم تخلق فرصة من فراغ، بل استخرجت الحياة من كل ثمرة كادت تُهمَل، وأثبتت أن التغيير يبدأ عندما نؤمن أن في داخلنا بذورًا لا تحتاج إلا القليل من الرعاية… لتثمر نجاحًا.